أثر الشيوخ على حياة الصبي النحوية
قضى
الصبي إجازة الصيف ثم عاد إلى الأزهر فلم ير شيخه المجدد المحافظ, وإنما سلك طريق
سائر الأزهريين فدرس في الفقه شرح (الطائي على الكنز) وحضر في النحو (حاشية العطار
على شرح الأزهرية).
ويطالبنا
الكاتب ألا نستبق الأحداث وأن نبقى معه في السنة الأولى للصبي في الأزهر.
فإذا
انتهى من درس الضحى انتقل إلى درس الظهر ثم يعود إلى غرفته فيطالع مع صديقه دروس
الغد كما يفعل أصحاب الجد من الطلاب, وقد يمضي وقته في قراءة كتب مختلفة قد يقرأ
ما فيها وقد لا يفهم.
عشاء الصديقين
إذا
بدأت غروب الشمس أقبل الصديقان على العشاء بحسب ما بقي معهما من مال,
فإن
تبقى معهما نصف قرش قسماه نصفين فاشتريا بنصفه شيئا من الحلوى الطحينية وينصفه
الآخر شيئا من الجبن وقطع الحلاوة, وكانا يشعران بأن لهذا المزاج الغريب طعما
لذيذا.
وإن
ولم يتبق لهما إلا ربع قرش بعد أن أسرفا في شراء البليلة أو التين صباحا اشتريا به
شيئا من الطحينة وصبا عليها العسل الأسود أو الأبيض الذي كان يأتيهما من الريف.
فإن
ولم يتبق شيئا بعد أن جارت البليلة أو التين أو كلاهما على نقدهما, لم يشعرا
بالهم, وذلك أنهما حفظا رغيفيهما ويغمسانهما في صفيحة العسل الأسود أو صفيحة العسل
الأبيض, وذلك يجزئ(يكفي ويغني) عن الحلاوة الطحينية والجبن والطحينة.
وقد
يبيحان لأنفسهما في هذا البؤس شيئا من الترف فيقسما الرغيف فيغمسا نصفه في العسل
الأسود والنصف الآخر في العسل الأبيض.
درس المنطق
إذا
ما صعد المؤذن إلى المئذنة ليؤذن للمغرب, أسرع الصديقين إلى الأزهر ليحضرا بعد
الصلاة درس المنطق كالكبار وهو (متن السلم للأخضري).
شيخ درس المنطق
لم
يكن شيخا بل كانا يحضران على يد طالب يرى في نفسه أنه عالم, رغم أن الأزهر لم
يعترف له بالعالمية, رغم طول دراسته في الأزهر وإلحاحه في طلبها, ولكنه لم يظفر
بها, فلم يرض بحكم الممتحنين ولم ييئس فكان يطاولهم (يجادلهم) بحضور الدرس
والامتحان ويغيظهم من جهة أخرى بجلوسه إلى أحد الأعمدة بعد المغرب ومن حوله بعض
الطلاب يقرأ عليهم كتابا في المنطق كما يقرأ العلماء الممتازون, ولم يكن يقدر على
تعليم المنطق إلا هؤلاء الممتازون من العلماء.
رأي الصبي في طالب الشيخ
يرى
الصبي أن ذلك الطالب الشيخ لم يكن بارعا ولا ماهرا في التعليم وأن جهله وعجزه
يظهران لكل من يسمعه حتى لهؤلاء الطلاب المبتدئين, وكان حاد الطبع سريع الغضب
ولكنه لم يكن يشتم أو يضرب لعدم حصوله على درجة العالمية, والتي تبيح له ضمنا ذلك.
ما رأي الصبي في درجة العالمية؟
رأى
الصبي أن درجة العالمية كانت تمنح صاحباه ضمنا حق الشتم والضرب لطلابه.
من أين جاء هذا الطالب؟
جاء
هذا الطالب من أقصى الصعيد فاحتفظ بلهجته ولم يغير منها شيء في حديثه أو قراءته.
Comments
Post a Comment